خطبة عن يوم عرفة ملتقى الخطباء 2024

يوم عرفة هو أحد أعظم الأيام عند الله تعالى، والذي يبدأ من شروق شمس اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، إذ يشاهد المسلم مشهدًا عظيمًا تقشعر له الأبدان، ولم تر أهيب منه العيون، وهو توافد حجاج بيت الله الحرام إلى جبل عرفات للوقوف بعرفة، وهو المشهد الذي يخشع له قلب كل مسلم.

خطبة عن يوم عرفة ملتقى الخطباء

فيما يلي خطبة عن يوم عرفة ملتقى الخطباء:[1]

  • إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
    أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
    أيها المسلمون: حديثنا اليوم عن يوم مبارك من أيام شهر ذي الحجة، شرَّفه الله وفضَّله بفضائل عظيمة، اليوم الذي خصَّه الله بالأجر الكبير والثواب العظيم عن كل أيام السنة، اليوم الذي يعمَّ الله عباده بالرحمات، ويكفِّر عنهم السيئات، ويمحو عنهم الخطايا والزلات، ويعتقهم من النار.. اليوم الذي يُرَى فيه إبليس صاغرًا حقيرًا.. اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم النعم على المسلمين..
    إنه يوم عرفة… يوم التجليات والنفحات الإلهية، يوم العطاء والبذل والسخاء، اليوم الذي يقف فيه الناس على صعيد واحد مجردين من كل آصرة ورابطة إلا رابطة الإيمان والعقيدة، ينشدون لرب واحد، ويناجون إلهاً واحداً، إله البشرية جميعاً، يهرع المسلمون من كل حدب، ويتوافدون من كل فج إلى رحاب الله، ويجتمعون في أماكنه المقدسة ملبين وداعين لله، ذاكرين وحامدين، راكعين وساجدين، وإلى ربهم منيبين.
    عباد الله: عرفة… ما أعظمه من يوم، وما أشرَفَ وأطيب ساعاته، موسمٌ من مواسم الإيمان، له في القلب لوعة وشأن، ما أشرَقَت الشَّمس في دهرها على يومٍ خير منه.
    يوم عظيم عند أهل الأرض وملائكة السَّماء، أقسَمَ به المَلِك العظيم، وهو -سبحانه- لا يُقسِم إلاَّ على أمرٍ عظيم.
    إخوة الإيمان: كيف لا يكون ذلك اليوم زمانه مشهود، ومِيقاته في الدهر محفور، وقد أتَمَّ الله فيه النعمة، وأكمل الدين؟
    أتَمَّ فيه النعمة بالعفو والرحمة عن العباد، وإتمام النعمة الإلهيَّة يتجلَّى بالعفو والمغفرة؛ وأكمَلَ الله -عزَّ وجلَّ- في هذا اليوم الدين، فعاد الحج على ملَّة إبراهيم – عليْه السلام – بالتوحيد الخالص، بعد أنْ كان ملطخًا بالشِّرك والوثنيَّة.
    وأكمَلَ الله فيه الدِّين يوم أنْ حجَّ المسلمين عامَهم ذلك مع النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فكمل بذلك دينهم؛ لاستِكمال عمَل أركان الإسلام كلِّها.
    إخوة الإيمان: في هذا اليوم العظيم تتجلَّى رحمةُ الله على العِباد، ويُفِيض الملك الديَّان من خَزائِن مُلكِه الشيءَ العظيم، فيَرحَم العِباد، ويُجِيب السُّؤال، ويجبر الكَسِير، ويُيسِّر العَسِير، ويدنو الجبَّار ملك السموات والأرض من السماء الدنيا، فيُباهِي بأهل الأرض ملائكةَ السماء، ويعتق الرحمن من النار في ذلك اليوم الأفواجَ الكثيرة، والأعدادَ العظيمة، ويَرى الشيطان هذا العَطاءَ الإلهيَّ المنسكب على أهل الموقف، فيصغر شأنُه، ويندَحِر أمرُه، ويَزداد حَقارةً إلى حَقارته.
    إخوة الإيمان: مشهد عرفات منظرٌ لم ترَ أهيب منه العيونُ، وموطنٌ لم تَخشَع في مثله القلوبُ، فسبحان مَن علَّق الأرواح بتلك الديار الجدباء، حيث لا ظِلَّ فيها ولا نظارة ولا ماء، وإنما تحمل في محيطِها الشعور والمشاعر التي لا يُنسِيها الزمان، ولا تمحُوها الأيَّام، قد جعَل الله -سبحانه- في هذا المنسك من العِبَر والعَبَرات، والذِّكرى والعظات ما يزيد الإيمان، ويغرس التقوى.
    في عرفات تتجلَّى للمسلم حقيقةُ الدنيا؛ فلا يرى أحدًا يَبنِي فيها دُورًا، ولا يشيد قُصورًا؛ لأنَّها ساعاتٌ قلائل، ثم يَأتِي الرَّحِيل، ويستعدُّ العبد لما بعد ذلك اليوم، ثم بعد ذلك الرحيل إلى دياره الأولى، ومَعاقِله الأصيلة.
    فيغرس العبد في قلبه مع هذه المعاني شجرةَ الزهد، فيَعلَم أنَّه في هذه الدنيا كأنَّه غريبٌ أو عابرُ سبيل، فلماذا يكون بها ولأجلها منشغِلاً، فكأنَّه عنها غير مرتحل، في عرفات يتجرَّد الجميع من مخيطِهم، ويُضَحُّون لربِّهم، مُستَجِيبين لندائه، في بقعةٍ محدودة قد ضاقَتْ بها الخلائق، الكلُّ مشغولٌ بحالِه، راجيًا من ربِّه نوالَه، فيستَشعِر العبد مع تلك المناظرِ المشهدَ العظيم، هناك في عرفات تَزُول الطبقيَّة، وتَتهاوَى المُفاخَرة؛ فلا عظيم هناك ولا حقير، ولا مأمور ولا أمير، ولا غني ولا فقير، الناسُ في موطن عرفات سواسيةٌ كأسنان المشط، لا فضلَ للونٍ على لون، ولا تميُّز لجنسٍ على جنس، وهذه هي شريعةُ السماء، قد شهدت عرفات أنَّ خير البشر -صلَّى الله عليه وسلَّم- قد دوَّى صوتُه بين جنباتها بقوله: “كلُّكم بنو آدم، وآدمُ من تراب، ليس لعربيٍّ على أعجميٍّ فضلٌ، ولا لأعجميٍّ على عربيٍّ فضلٌ، ولا لأسود على أحمر فضل، ولا لأحمر على أسود فضل إلاَّ بالتقوى، إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم.
    اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
    هذا؛ وصلوا وسلموا على رسول الله.

خطبة عن يوم عرفة ملتقى الخطباء pdf

يمكن الاطلاع وتحميل خطبة عن يوم عرفة ملتقى الخطباء مباشرةً “من هنا“، إذ يحتوي هذا الملف على خطبة جاهزة مقتبسة من ملتقى الخطباء، تتحدث عن يوم عرفة المبارك، وفضائل هذا اليوم العظيم، وهو بصيغة pdf وجاهز للطباعة.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *