شعر مدح الرجال

لقد كتب الشعراء أنواع مختلفة من القصائد، والتي تتنوع ما بين مدح وهجاء وغول ورثاء، وهناك الكثير من الشعراء الذين كتبوا قصائد في مدح الرجال، والذين كانوا يكنون لهم الحب والاحترام، فكانوا يتحدثون عن إنجازاتهم التي حققوها من خلال تلك القصائد.

شعر مدح الرجال

فيما يلي قصائد شعر مدح الرجال:[1]

  • قصيدة على قدر أهل العزم تأتي العزائم (أبو الطيب المتنبي)[2]

عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ * وتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ

وَتعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها * وتصغُر في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

يكلّف سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ همَّه * وَقَد عجزت عَنه الجيوشُ الخَضارِم

ويطلِب عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ * وَذَلِكَ مالا تدَّعيه الضَراغِم

يفدّي أتمُّ الطَيرِ عمرًا سِلاحُه * نسور المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِم

وما ضرَّها خلق بِغَيرِ مَخالِبٍ * وَقَد خلِقَت أسيافُه وَالقَوائِم

هلِ الحَدَث الحَمراء تَعرِف لونَها * وتعلم أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِم

سَقَتها الغَمام الغُرُّ قَبلَ نزولِهِ * فَلَمّا دنا مِنها سقَتها الجَماجِم

بناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا * وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ

وكان بِها مثل الجُنونِ فأصبحَت * وَمِن جثث القَتلى عَلَيها تمائِم

طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فردَدتها * عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِم

تفيت اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَه * وَهُنَّ لِما يأخُذن مِنكَ غَوارِم

إِذا كانَ ما تنويهِ فِعلًا مضارِعًا * مضى قَبلَ أَن تلقى عَلَيهِ الجَوازِم

وَكَيفَ ترجّي الرومُ وَالروسُ هَدمَها * وَذا الطَعنُ آساسٌ لَها وَدَعائِم

وَقَد حاكَموها وَالمَنايا حَواكِمٌ * فَما ماتَ مَظلومٌ وَلا عاشَ ظالِمُ

أتوك يجرّون الحَديدَ كَأَنَّهُم * سَرَوا بِجِيادٍ ما لَهُنَّ قَوائِم

إِذا برقوا لَم تعرَفِ البيض مِنهُمُ * ثِيابُهُمُ مِن مِثلِها وَالعَمائِم

خَميسٌ بشرق الأَرضِ وَالغَربِ زَحفُه * وَفي أذُنِ الجَوزاءِ مِنهُ زَمازِم

تجمَّع فيهِ كلُّ لِسنٍ وَأُمَّةٍ * فَما تفهِم الحُدّاثَ إِلّا التَراجِم

فَلِلهِ وَقتٌ ذَوَّبَ الغِشَّ نارُهُ * فَلَم يبق إِلّا صارِمٌ أَو ضبارِم

تقطّع مالا يقطع الدِرعَ وَالقَنا * وفرّ مِنَ الأَبطالِ مَن لا يصادِم

وقفت وَما في المَوتِ شكٌّ لِواقِفٍ * كَأَنَّكَ في جفنِ الردى وَهوَ نائِم

تمرّ بِكَ الأَبطالُ كلمى هَزيمَةً * وَوجهُكَ وضّاحٌ وثغرك باسِم

تجاوزت مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى * إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِم

ضممت جَناحَيهِم عَلى القَلبِ ضمَّةً * تموت الخَوافي تَحتَها وَالقَوادِم

بضربٍ أتى الهاماتِ وَالنَصرُ غائِب * وصار إِلى اللَبّاتِ وَالنَصرُ قادِم

حقرت الردَينِيّاتِ حَتّى طرحتها * وَحَتّى كَأَنَّ السَيفَ لِلرُمحِ شاتِم

وَمَن طلب الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما * مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِم

نثرتهم فَوقَ الأُحَيدِبِ كُلِّهِ * كَما نثرت فَوقَ العَروسِ الدَراهِم

تدوس بِكَ الخَيلُ الوُكورَ عَلى الذُرى * وَقَد كثرت حَولَ الوُكورِ المَطاعِم

تظنّ فِراخُ الفُتخِ أَنَّكَ زرتها * بِأُمّاتِها وَهيَ العِتاقُ الصَلادِمُ

إِذا زلفت مَشَّيتَها بِبِطونِها * كَما تتمشّى في الصَعيدِ الأَراقِمُ

أَفي كلِّ يَومٍ ذا الدمستُق مقدِمٌ * قفاه عَلى الإِقدامِ لِلوَجهِ لائِم

أينكِر ريحَ اللَيثَ حَتّى يذوقه * وَقَد عرفت ريحَ اللُيوثِ البَهائِمُ

وَقَد فجعته بِاِبنِهِ وَاِبنِ صِهرِهِ * وَبِالصِهرِ حَملاتُ الأَميرِ الغَواشِم

  • قصيدة هي فرقة من صاحب لك ماجد (أبو تمام)[3]

هِيَ فُرقَةٌ مِن صاحِبٍ لَكَ ماجِدِ * فغَدًا إِذابَةُ كلِّ دَمعٍ جامِدِ

فافزع إِلى ذخرِ الشُؤونِ وَغَربِهِ * فَالدَمعُ يذهب بَعضَ جَهدِ الجاهِدِ

وَإِذا فقدت أَخًا وَلَم تفقِد لَهُ * دَمعًا وَلا صَبرًا فلَست بفاقِدِ

أَعَلِيُّ يا بنَ الجَهمِ إِنَّكَ دفت لي * سَمّاً وَخَمرًا في الزُلالِ البارِدِ

لا تبعدن أبَدًا وَلا تبعد فَما * أَخلاقُكَ الخضرُ الربا بِأَباعِدِ

إِن يُكدُ مُطَّرَفُ الإِخاءِ فَإِنَّنا * نَغدو وَنَسري في إِخاءٍ تالِد

أَو يختلف ماءُ الوِصالِ فَماؤُنا * عَذبٌ تحدَّر مِن غَمامٍ واحِدِ

أَو يفترق نسبٌ يؤلِّف بَينَنا * أدبٌ أقمناه مقامَ الوالِدِ

لَو كُنتَ طَرفاً كنتَ غَيرَ مدافَعٍ * لِلأَشقَرِ الجَعدِيِّ أَو لِلذائِدِ

أَو قدَّمَتكَ السِنُّ خِلتُ بِأَنَّهُ * مِن لَفظِكَ اِشتُقَّت بَلاغَةُ خالِدِ

أَو كنت يومًا بِالنُجومِ مصَدِّقًا * لزعمت أَنَّكَ أَنت بِكر عطارِدِ

صعبٌ فَإِن سومِحت كنتَ مسامِحًا * سَلِساً جريرُكَ في يمين القائِدِ

ألبِست فَوقَ بَياضِ مجدِكَ نِعمَةً * بَيضاءَ حلَّت في سوادِ الحاسِدِ

وَموَدَّةً لا زهَّدَت في راغِبٍ * يَوماً وَلا هِيَ رغَّبَت في زاهِدِ

غَنّاءُ لَيسَ بِمنكَرٍ أَن يغتدي * في رَوضِها الراعي أَمامَ الرائِدِ

ما أَدَّعي لَكَ جانِباً مِن سؤدُدٍ * إِلّا وَأَنتَ عَلَيهِ أعدَل شاهِدِ

  • قصيدة جميلك لا يجزيه شكري ولا حمدي (ابن أبي حصينة)[4]

جميلُكَ لا يجزيهِ شُكري وَلا حَمدي * وَرِفدُكَ أَغنى قَبلَ رِفدِ ذَوي الرِفدِ

وَتسدي إِلَيَّ الفَضلَ مِن كلِّ وجهَةٍ * وجاهُك بَينَ الخافِقَينِ هُوَ المسدي

كرمتَ فَأكسَبت العبيد كَرامَةً * فَمِن شرَف المَولى أَتى شَرَف العبدِ

ولولاكَ لَم يعرَف مكاني وَلَم يطل * لِساني وَلَمَ تخصِب يفاعي وَلا وهدي

وَقَد كنتُ مَقبوضَ اليَدَينِ عَنِ الغِنى * فطوَّلتَ باعي بِالجَميلِ الَّذي تسدي

وكثّرت حسّادي وَثمَّرتَ نِعمَتي * وَذلَّلتِ لِي دهرِي وَأوضحتَ لي رشدي

وَأغنيتني حَتّى كَأَنَّكَ ضامِنٌ * لنسليَ أَلّا يَعدَمُوا ثروَةً بعدي

وَقد كنت في ضنكٍ مِنَ العَيشِ برهَةً * فَأصبَحت مِن نعماكَ في عيشَةٍ رغدٍ

ورى بِكَ زندي بَعدَما كانَ مصلِدًا * وَأورَقَ غصني بَعدَما كادَ أَن يكدي

وَقد ملأ الآفاقَ حَمدي وَكُلَّما * حمدتكَ زادَت مكرُماتُكَ عَن حَمدي

سَأجهِد ىنَفسي في الثَناءِ وليتني * جزيت يسيرًا مِن جَميلِكِ في جهدي

أَبا صالِحٍ أصبحت فَردًا وَأصبحت * مَعاليكَ أَفراداً مِنَ الصَمَدِ الفردِ

ضَميرُكَ لِلتَقوى وسعيُك لِلعُلى * وَمالُكَ لِلنُعمى وَعُمرُكَ لِلمَجدِ

إِذا ما زحمت الجَيشَ بِالجَيشِ ميِّلَت * متون الأَعادي عَن متون القَنا الملدِ

شكَتكَ الوغا مِما تَشِبُّ سَعِيرَها * وَمِمّا تلفّ الضمَّرَ الجردَ بِالجردِ

ومِمّا تسُدُّ الجَوَّ في كُلِّ مَعرَكٍ * وتردي العِدى وَالخَيلُ شازِبَةً تردي

حويت العلى مُذ كنتَ طِفلاً وَمهِّدَت * بِكَ الأَرضُ مذ لفَّت ثيابُكَ في المهدِ

فِداكَ جميعُ العالَمينَ مِنَ الرَدى * فَإِنَّ الَّذي يفدى نَظيرُ الَّذي يَفدي

وَقَفتُ فَأَبدَيتُ الثَناءَ وَإِنَّني * أُسِرُّ مِنَ الإِخلاصِ أَضعافَ ما أبدي

فلا حبَّ إِلّا دونَ حُبِّي وصُحبَتي * وَلا وُدَّ إِلّا دونَ ما صحَّ مِن ودِّي

حياتُكَ أشهى في فؤادي مِنَ التقى * وشكرُكَ أحلى في لِساني مِنَ الشهدِ

فَعِش لا خَلا مِنكَ الزَمانُ وَلا خلَت * قصُورُكَ مِن عزٍّ مقيمِ وَمِن سعدِ

  • قصيدة ذهب الرجال المقتدى بفعالهم (أبو الأسود الدؤلي)[5]

ذهَب الرِجالُ المقتَدى بفعالِهِم

وَالمُنكِرونَ لَكُلِّ أَمرٍ منكَرِ

وبقيت في خَلَفٍ يزَكّي بعضُهُم

بعضًا ليدفَع معوِرٌ عَن معوِرِ

فطِنٌ لِكُلِ مصيبَةٍ في مالِهِ

وَإِذا أصيبَ بِعِرضِهِ لَم يشعُرِ

المراجع

  1. aldiwan.net , قصائد ( مدح ) , 2024-05-02
  2. aldiwan.net , على قدر أهل العزم تأتي العزائم , 2024-05-02
  3. aldiwan.net , هي فرقة من صاحب لك ماجد , 2024-05-02
  4. aldiwan.net , جميلك لا يجزيه شكري ولا حمدي , 2024-05-02
  5. aldiwan.net , ذهب الرجال المقتدى بفعالهم , 2024-05-02

مقالات ذات صلة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *