خطبة الجمعة مكتوبة بالتشكيل
تعتبر خطبة الجمعة فرصة لكافة المسلمين من أجل زيادة الوعي والمعرفة بأمور الدنيا والدين، فضلًا عن فوائدها المتمثلة في تنشئة الأجيال على عبادة الله، والدوام في ذكر الله تعالى.
خطبة الجمعة مكتوبة بالتشكيل
- الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّه فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّه وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلا شَبِيهَ لَهُ، تَنَزَّهَ اللَّهُ -سُبحَانَهُ وَتَعَالَى- عَنِ الْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَالذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ وَالْمَكَانِ وَالاِجْتِمَاعِ وَالاِفتِرَاقِ وَالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ مَنْ طَرِيقِ الْمَسَافَةِ، تَنَزَّهَ اللَّهُ -سُبحَانَهُ وتَعَالَى- عَنِ الاِتِّصالِ وَالاِنْفِصَالِ وَالْحَجْمِ وَالْجِرْمِ وَالْجِهَةِ وَالصُّورَةِ وَالْحَيِّزِ وَالْمِقدَارِ وَالْجَوَانِبِ وَالْجِهَاتِ، تَنَزَّهَ اللَّهُ -سُبحانَهُ وَتَعَالَى- عَنِ الكَيفِيَّةِ وَالْكَمِّيَّةِ وَالأَينِيَّةِ، فَإِنَّ الذِي أَيَّنَ الأَيْنَ لا يُقالُ لَهُ أَيْنَ، وَإِنَّ الذِي كَيَّفَ الكَيْفَ لا يُقَالُ لَهُ كَيفَ. تَنَزَّهَ اللَّهُ -سُبحانَهُ وتَعَالَى- عَن صِفَاتِ خَلْقِهِ، وَصَدَقَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ عَنْ نَفْسِهِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[1] وَأَشهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنَا وَعَظِيمَنَا وَقَائِدَنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيبُهُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى كُلِّ رَسُولٍ أَرسَلَهُ.
أَمَّا بَعدُ عبَادَ اللَّهِ، فَإِنِّي أُوصِيكُم وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْقَدِيرِ.
أَخِي الْمُؤْمِنَ، اتَّقِ اللَّهَ فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا تَخفَى عَلَيهِ خَافِيَةٌ، وَتَذَكَّرْ أَنَّكَ فِي رَحِيلٍ عَن هَذِهِ الدُّنيا الزَّائِلَةِ الْفَانِيَةِ، فَإِذَا أَصبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِسَقَمِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ، فَمَن عَرَفَ قَدْرَ الآخِرَةِ هَانَ عَلَيْهِ التَّعَبُ، فَمَنْ عَرَفَ مَا يَطْلُبُ هَانَ عَلَيهِ مَا يَبْذُلُ.
يَا أَخِي الْمُؤْمِنَ، قَد مَضَى أَمْسُكَ، وَعَسَى غَدًا لِغَيْرِكَ، يَقُولُ رَبُّ العِزَّةِ فِي مُحكَمِ التَّنْزِيلِ: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّه، ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾[2]
اتَّقِ اللَّهَ، وَلا تُضَيِّعْ أَوقَاتَكَ بِمَا لا يُرْضِي اللَّهَ تَعَالَى، فَإِنَّ مُرَاعَاةَ الأَوْقَاتِ مِنْ عَلامَاتِ التَّيَقُّظِ، فَهَنِيئًا لِمَنْ تَرَكَ الدُّنيَا قَبلَ أَنْ تَتْرُكَهُ، وَبَنى قَبْرَهُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ قَبْلَ أَنْ يَدخُلَهُ، وَلَقَدْ قِيلَ:
قُبُورُنَا تُبْنى وَمَا تُبْنَا يَا لَيْتَنَا تُبْنَا قَبْلَ أَنْ تُبْنى
يَا أَخِي الْمُؤْمِنَ إِنْ دَارًا تَسِيرُ إِلَيهَا وَهِي الآخِرَةُ أَقرَبُ إِلَيْكَ مِنْ دَارٍ تَخْرُجُ مِنهَا وَهِيَ الدُّنيَا، وَإِنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ- قَالَ حَدِيثًا يَنْفَعُ مَنْ عَمِلَ بِهِ نَفْعًا كَبِيرًا وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ النَّاسَ، وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ مَنْ غَلَبَ نَفْسَهُ».[3]
فالإنسان أيها الإخوة تعلو درجته عند اللَّه بحسب صبره، وَالصَّبْرُ ثَلاثَةُ أَنوَاعٍ:
- الصَّبْرُ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهَذَا أَشَدُّهُ، هَذَا أَشَدُّ أَنْوَاعِ الصَّبْرِ.
- وَالثَّانِي الصَّبْرُ عَلَى الطَّاعَاتِ.
- وَالثَّالِثُ هُوَ الصَّبْرُ عَلَى الْمَكَارِهِ وَالشَّدَائِدِ وَالْمَصَائِبِ.
فَكُفَّ النَّفْسَ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى اختِلافِ أَنْوَاعِهَا، هَذَا أَشَدُّ أَنْوَاعِ الصَّبْرِ. يَقُولُ رَبُّ الْعِزَّةِ فِي القرآن الْعَظِيمِ: ﴿فَمْن يَّعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَن يَّعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾[4]
فَفِي الآيَتَيْنِ التَّرغِيبُ بِقَلِيلِ الْخَيْرِ وَكَثِيرِهِ، وَالتَّحذِيرُ مِنْ قَلِيلِ الشَّرِّ وَكَثِيرِهِ. فَتَذَكَّرْ أَخِي الْمُؤْمِنَ أَنَّ تَرْكَ مَعْصِيَةٍ وَاحِدَةٍ أَفضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ عَمَلِ أَلْفِ حَسَنَةٍ نافِلَةٍ أَيْ مِنَ السُّنَنِ.
تَذَكَّرْ أَخِي الْمُؤْمِنَ أَنَّ الْحَرَامَ مَا تَوَعَّدَ اللَّهُ مُرتَكِبَهُ بِالْعِقَابِ وَوَعَدَ تَارِكَهُ بِالثَّوَابِ.
إِخوَةَ الإِيْمَانِ، قَدْ وَرَدَ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ دَلْوٌ مِنْ غِسْلِينَ إِلَى الدُّنيَا لأَفْسَدَ عَلَى أَهلِ الدُّنيَا مَعِيشَتَهُم. وَالغِسْلِينُ هُوَ مَا يَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الْقَذَرِ، تِلكَ جَهَنَّمُ، تِلكَ النَّارُ قَد وَصَفَ اللَّهُ شِدَّتَها فِي القرآن، فَقَالَ ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ الآيَةَ.[5] أَيْ تكَادُ تَتَقَطَّعُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرَارَةِ، وَلَكِنَّهَا لاَ تَتَقَطَّعُ، أَيْ أَنَّهَا شَدِيدَةُ الْحَرَارَةِ جِدًّا. وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فأُذِنَ لَهَا كُلَّ عَامٍ بِنَفَسَيْنِ فَأَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَرِّ فِي الصَّيْفِ، فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ وَأَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْبَرْدِ فِي الشِّتَاءِ، فَمِنْ نَفَسِ زَمْهَرِيرِ جَهَنَّمَ».[6]
فَكُلَّمَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فِي الصَّيْفِ تَذَكَّرْ أَنَّكَ لا تَقْوَى عَلَى حَرِّ الدُّنيَا فَكَيْفَ بِحَرِّ الآخِرَةِ؟ كَيفَ بِعَذَابِ جَهَنَّمَ؟ كَيفَ بِعَذَابِ النَّارِ؟ كَيفَ بِعَذَابِ الْحُطَمةِ؟ كَيفَ بِعَذَابِ الْهَاوِيَةِ؟ كَيفَ بِعَذَابِ سَقَر؟ كَيْفَ بِعَذَابِ السَّعِيْرِ؟ كَيْفَ بِعَذَابِ لَظى؟ وَهَذَهِ كُلُّهَا أَسْمَاءٌ لِجَهَنَّمَ.
فَلْنَعْمَلْ إِخوَةَ الإِيْمَانِ فِي هَذِهِ الدُّنيَا قَبلَ أَنْ يَأْتِيَ يَومٌ لا يَنفَعُ فِيهِ النَّدَمَ، فَقَدْ قَالَ أَحَدُهُمُ: “مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي نَارِ جَهَنَّمَ ءَاكُلُ مِنْ زَقُّومِهَا، وَأَشْرَبُ مِنْ حَمِيمِهَا وَأَتَعَثَّرُ بِأَغْلالِهَا” فَقُلْتُ: “أَيْ نَفْسُ مَا تُرِيدِينَ؟” فَقَالَت: “الْعَوْدَةَ إِلَى الدُّنْيَا لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا” فَقُلْتُ: “أَيْ نَفْسُ أَنْتِ الآنَ فِي الأُمْنِيَّةِ فَاعْمَلِي”.
﴿ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّه تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُّكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّه النَّبِيَّ وَالَّذِينَ ءامَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [7]
إِخوَةَ الإِيْمَانِ، إِنَّ التَّوبَةَ النَّصُوحَ هِيَ أَنْ يَتُوبَ مِنَ الذَّنْبِ، وَلا يَعُودَ إِلَيْهِ.
إِخوَةَ الإِيْمَانِ، إِنَّ وُجُوهَ الصَّالِحِينَ تَكُونُ يَومَ الْقِيَامَةِ مُشْرِقَةً مُضِيئَةً قَدْ عَلِمَتْ مَا لَهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالنَّعِيمِ. ثُمَّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ التَّقِيَّ الصَّالِحَ لا يَحصُلُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَدنَى خَوْفٍ وَلا أَدنَى فَزَعٍ، حِينَ يَفْزَعُ النَّاسُ، وَلا يَتَأَذَّى بِحَرِّ الشَّمْسِ؛ لأَنَّ الشَّمْسَ يَومَ القِيَامةِ أَشَدُّ حَرًّا مِنهَا اليَومَ، وَلا يُصِيبُهُ ظَمَأٌ وَلا عَطَشٌ وَلا جُوعٌ وَلا حَرَارَةُ شَمْسٍ، لا يُصِيبُهُ أَدنَى نَكَدٍ، بَلْ يَكُونُ مُمْتَلِئًا سُرُورًا وَفَرَحًا، وَهُوَ حِينَ يَخرُجُ مِنْ قَبْرِهِ يَخْرُجُ لابِسًا لا يَخْرُجُ مَكشُوفَ العَورَةِ كَأَغلَبِ النَّاسِ، وَلا يُحْشَرُ مَاشِيًا عَلَى قدَمَيْهِ، لا، بَلْ يُحشَرُ رَاكِبًا. مَاذَا يَركَبُ هَؤُلاءِ الأَتْقِيَاءُ؟ يَركَبُونَ نُوقًا لَمْ يَرَ الْخَلائِقُ مِثلَهَا عَلَيهَا رَحَائِلُ الذَّهَبِ، ثُمَّ يَدخُلُونَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ بَعدَ أَنْ يَدخُلُوا الْجَنَّةَ يَجِدُونَ هُناكَ مَا أَحصَى اللَّهُ لَهُم مِنّ النَّعِيمِ.
فَاتَّقِ اللَّهَ أَخِي الْمُؤْمِنَ، وَلا تَنْغَرَّ بِهَذِهِ الدُّنيا الفَانِيَةِ، وَلا يَغُرَّنَّكَ الشَّيطَانُ، فَيدعُوكَ إِلَى ارتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، إِلَى ارتِكَاب الفَوَاحِشِ، فَاللَّهُ يرانا ولا تخفى عليه خافيةٌ، فأغلق بابَ الرفاهةِ والترَفُّهِ لتُقبلَ على الآخرةِ أكثرَ وتُعرِضَ عن الدنيا أكثرَ فأكثرَ، وأغْلِقْ بابَ الراحةِ وافتحْ بابَ الْجُهدِ لِتَبْذُلَ جُهدَكَ بطاعةِ اللَّه، وأغْلِقْ بابَ النومِ وافتحْ بابَ السهرِ بالقيامِ بالنوافلِ والتهجُّدِ والعِلْمِ والتعلُّمِ، وأغلِقْ بابَ الأمَلِ وافتحْ بابَ الاستعدادِ للموتِ. إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعونَ.
هذا وأستغفِرُ اللَّه لي ولكُم
- الخطبة الثانية:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّه فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سيِّدِنَا مُحَمَّدِ رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالاهُ.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنِّي أُوْصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ القَدِيرِ القَائِلِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾[8] مَتَاعُ الغُرُورِ مَعنَاهُ لَذَّةٌ تَشغَلُ الإِنسَانَ عَنِ الأُمُورِ الْمُهِمَّةِ.
فَبَعْدَ الْحَثِّ فِي الْخُطْبَةِ الأُولَى عَلَى عَدَمِ تَضيِيعِ الأَوقَاتِ بِمَا لا يُرضِي اللَّهَ -سُبحانَهُ وَتَعَالَى- نُوَجِّهُ نَصِيحَةً بالِغَةَ الأَهَمِّيَّةِ عَمَلاً بِحَدِيثِ أَفضَلِ الْخَلْقِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»
وَهِيَ أَنْ تَحْرِصَ أَخِي الْمُؤْمِنَ عَلَى حُضُورِ مَجَالِسِ عِلْمِ الدِّينِ، وَكَذَلِكَ أَنْ تَحرِصَ عَلَى تَعلِيمِ أَولادِكَ أُمُورَ دِينِهِمُ الَّتي تَنفَعُهُم فِي الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ، كُنْ مِنَ الْحَرِيصِينَ عَلَيهِم بِاستِثمَارِ أَوقَاتِ فرَاغِهِم بِتَحفِيظِهِم أَجزَاءً مِنَ القرآن الكَرِيْمِ وَالأَحادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الشَّريفَةِ وَبَعضِ الْمُتُونِ الشَّرعِيَّةِ فِي التَّوحِيدِ وَالفِقْهِ وَالسِّيرَةِ وَالتَّجوِيدِ وَنَحوِ ذَلِكَ، وَكُلُّ ذَلِكَ أَخِي الْمُؤْمِنَ يُصَبُّ فِي تَهذِيبِ شَخصِيَّةِ الأَولادِ وَتَنمِيَةِ ثَقافَتِهِم وَتَهذِيبِ نُفُوسِهِم وَتَقوِيْمِ أَخلاقِهِم وَسُلُوكِهِم، فَيَكُونُونَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى قُرَّةَ عَيْنٍ لَكَ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ.
فَسَارِعْ أَخِي الْمُؤْمِنَ إِلَى العَمَلِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾[9] فَحَرُّ الصَّيفِ يَنبَغِي أَنْ يَكُونَ دَافِعًا لَكَ لِلعَمَلِ الذِي يَنفَعُكَ وَأَولادَكَ فِي الآخِرَةِ، لا لِلاِنكِبَابِ عَلَى فِعلِ الْحَرَامِ وَالْمَعَاصِي.
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَى نَبِيِّهِ الكَرِيْمِ فَقَالَ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلآئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يَآ أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًاِ﴾[10] اللَّهمَّ صَلِّ عَلَى سَيّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، يَقُولُ اللَّه تَعَالَى: ﴿يَآ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُـوا رَبَّكـُم إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [11]، اللَّهمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَبِجَاهِ مُحَمَّدٍ اسْتَجِبْ لَنَا دَعَاءَنَا، اللَّهمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ اغْفِرِ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا، اللَّهمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحيَاءِ مِنهُمْ وَالأَمْوَاتِ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ، اللَّهمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ اسْتُرْ عَوْرَاتِنا وآمن رَوْعَاتِنَا وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ. عِبَادَ اللَّه إِنَّ اللَّه يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغي، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون. فاذكروا اللَّه الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.
خطبة الجمعة مكتوبة بالتشكيل pdf
يمكن تحميل خطبة الجمعة مكتوبة بصيغة pdf مباشرةً “من هنا“، حيث يتضمن الملف خطبتي جمعة مع التشكيل الصحيح، وتتحدث الخطبتان عن ضرورة عبادة الله، وضرورة تنشئة الأبناء على تعلم القرآن الكريم، وحضور مجالس رجال الدين.
المراجع
- سورة الشورى , الآية رقم 11
- سورة البقرة , الآية رقم 281
- الراوي : أبو هريرة , المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الأدب المفرد | الصفحة أو الرقم : 989
- سورة الزلزلة , الآية رقم 7، 8
- سورة الملك , الآية رقم 8
- الراوي : أبو هريرة , المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 617
- سورة التحريم , الآية رقم 8
- سورة آل عمران , الآية رقم 85
- سورة التحريم , الآية رقم 6
- سورة الأحزاب , الآية رقم 54
- سورة الحج , الآية رقم 1