قصص سيدنا سليمان
جدول المحتويات
سيدنا سليمان أحد أعظم الملوك الذين مَلكوا الأرض وما عليها، فقد أعطى الله تعالى لسيدنا سليمان المُلك، والنبوة، والقوة، والسيادة، وحكم سيدنا سليمان الإنس، والجن، والطير، والحيوان، وتعلم لغتهم بقدرة الله وفضله، فلم يكن أحد من الناس يملك ما ملكه سيدنا سليمان، ولن يملك ذلك أحد من الناس ذلك حتى يوم الدّين، وقصة نبي الله سليمان وردت لنا في الكثير من الآيات والسور الكريمة.
قصص سيدنا سليمان
فيما يلي بيان لقصص سيدنا سليمان: [1]
قصة سيدنا سليمان مع الهدهد
تالياً بيان لقصة سيدنا سليمان مع الهدهد:
وردت قصة سيدنا سليمان مع الهدهد في قوله تعالى: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لأعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}[2]، لقد علّم الله تعالى سيدنا سليمان منطق الطير ومنها الهدهد، وفي يوم من الأيام وسيدنا سليمان يتفقد جيشه من الطيور، بحث عن الهدهد، فلم يكن من بين الطيور، فتساءل سيدنا سليمان عن السبب في عدم تواجد الهدهد مع باقي الطيور، فهو لم يُرسله إلى أي وجهة، فغضب سيدنا سليمان غضباً شديداً، وتوعّد الهدهد بالعذاب الشديد إلا إذا أتاه بحجة بيّنة مقنعة تبرر سبب غيابه، وما لبث أن عاد الهدهد محملاً بالأخبار، فخاطب الهدهد سيدنا سليمان بأنه قد عرف أمراً عظيما لا يعرفه هو، وهو أنه وجد مملكة تحكمها امرأة، وأنهم يسجدون للشمس من دون الله تعالى، فهدّئ سيدنا سليمان من روعه من بعد ما سمع من الهدهد ما سمع، وأمر الهدهد أن يأخذ كتاب سيدنا سليمان، ويذهب به إلى ملكة سبأ لكي يدعوها إلى الإيمان، فأخذ الهدهد كتاب سيدنا سليمان، فألقاه على مملكة سبأ، وبقي يراقبهم من بعيد حتى يعرف ردة فعلهم، فعزمت ملكة سبأ على تقديم الهدايا لسيدنا سليمان، حتى لا يشن الحرب عليهم، وفي نهاية القصة تسلم بلقيس ملكة سبأ لله رب العالمين، وتعرف مدى الضلال الذي كانت عليه.
قصة سيدنا سليمان مع النمل
تالياً بيان لقصة سيدنا سليمان مع النمل:
وردت قصة سليمان مع النمل في قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ، فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}[3]، في يوم من الأيام، وأثناء مسير سيدنا سليمان مع جيشه الجرار بالقرب من واد مليء بالنمل، شاهدت إحدى النملات قدوم سيدنا سليمان وجيشه الجرار بالقرب من مساكنهم، فحذّرت النملة باقي النمل، وأمرتهم أن يختبئوا في بيوتهم حتى لا يحطمهم سليمان وجيشه من دون قصد منهم وهم لا يشعرون، فقال العلماء بأن النملة قالت وهم لا يشعرون يمكن أن يحطمونكم، أنه بمثابة اعتذار ورجوع عن الخطأ، لأنه لا يمكن لسيدنا سليمان أن يأذي نملة، أو يقتلها إلا لسبب أراده بها الله تعالى، فشعرت النملة بخطاها فاعتذرت بقولها: وهم لا يشعرون، وعندما سمع سليمان بخطاب النملة تبسم ضاحكاً، وحمد الله وشكره على نعمه التي أنعم بها عليه والرحمة التي قذفها في قلبه حتى على الحيوان، والفرح بما أطْلعه الله عليه دون غيره من البشر من تعليمه للغة الحيوان.
قصة سيدنا سليمان مع الخيل
تالياً بيان لقصة سيدنا سليمان مع الخيل:
وردت قصة سيدنا سليمان مع الخيل في قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَاب رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ}[4]، كان سيدنا سليمان محباً للخيل متعلقاً بها لدرجة كبيرة، وكان عنده الكثير من أنواع الخيل، ولكن أبرزها خيل الصافنات، التي تعتبر من أجود وأنقى وأفضل أنواع الخيول، وفي عصر أحد الأيام، بينما سيدنا سليمان يستعرض خيوله، ويتأمل حسنها، وسرعتها، وجمالها، وأطال فترة استعراضها، فغابت الشمس وهو على هذا الحال، فنسي أن يذكر ربه، ونسي ترديد ذِكره اليومي، فشغلته الخيل عن ذلك، فاستغفر ربه وأناب عن فعله هذا، فذكر ربه، وأمر بإرجاع الخيل إليه مرة أخرى، وبدأ يمسح بأعناقها ليعرف العليل منها من الصحيح مستغفراً ربه، لأن إنما أعدّ هذه الخيول للجهاد في سبيل الله تعالى، وقيل: بأن خيل سيدنا سليمان يزيد عددها على 20 ألفاً خيل، وفي رواية أخرى أنه بدأ بقتل خيله؛ لأنها شغلته عن ذكر ربه.
قصة امتحان الله تعالى لسيدنا سليمان
وردت قصة امتحان الله تعالى لسيدنا سليمان في قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}[5]، امتحان الله تعالى سيدنا سليمان بالمرض الشديد الذي أصابه، والذي لم يعرف له الطب سبباً، فقد أحضرت له الطيور الأعشاب من مشارق الأرض ومغاربها، فلم يشفَ من مرضه، وكان يوماً بعد يوم يزداد مرضه وألمه ومعاناته، ولشدة المرض الذي أصابه؛ كان سيدنا سليمان يجلس على كرسي العرش وكأنه جسد ليس فيها روح، وذلك من شدة التعب والمرض، وبقي سليمان -عليه السلام- مريضاً لفترة طويلة بهذ المرض، ولكنه في هذه الفترة لم يتوقف عن الدعاء لربه، ولم يتوقف عن الاستغفار، وتمني الشفاء والدعاء بذلك لله تعالى، وانتهى اختبار الله تعالى لنبيه، بعد أن منّ الله عليه بالشفاء وعودة صحته إليه، وذلك بعد أن تأكّد سيدنا سليمان أن كل ما يملكه من مال وعز وجاه؛ لا يمكن أن ينفعه سواءً بالشفاء أو بالمرض ما لم يُرد الله تعالى له ذلك، وأوردت الأخبار روايات أخرى للامتحان الذي امتحن الله تعالى به نبيه سليمان.
قصة سيدنا سليمان مع الفلاح
وردت قصة سيدنا سليمان وأبيه داوود مع الفلاح في قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}[6]، في يوم من الأيام، بينما كان سيدنا داوود ومعه سيدنا سليمان يُحكّمان بين الناس، إذ دخل عليهما رجل مزارع له حقل ومعه رجل آخر، فاشتكى صاحب الحقل من أن غنم الرجل الآخر قد أكلت كل ما في حقله من ثمار ومحاصيل، وأخبرهم بأنه يريد أن يقضيا بينهما بالحق، فحكم سيدنا سليمان بأن يعطي صاحب الغنم غنمه لصاحب الحقل الذي أكلت الغنم زرعه، ومحاصيله لكي يستفيد منه صوفها ولبنها لمدة سنة كاملة، وأن يأخذ صاحب الغنم الحقل الذي أفسدته غنمه لمدة سنة كاملة، فيزرعها، ويحصدها، ويُعيدها كما كانت سابقاً، فمتى عاد الحقل كما كان عليه سابقاً، يُرجع صاحب الحقل للرجل غنمه، ويُعطي صاحب الغنم الحقل للمزارع بعد أن تنمو المحاصيل التي أكلتها غنمه.
قصة سيدنا سليمان مع الجن
وردت قصة سيدنا سليمان مع الجن في قوله تعالى: وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)[7]، لقد كان موت سيدنا سليمان خارق للعادة كما كانت حياته، فقد سخر الله تعالى لسيدنا سليمان الجن بكل أنواعهم وأشكالهم لكي يعملوا تحت أمره، فكانوا يبنون له الصروح الضخمة، وكانوا يغوصون له في أعماق البحار لكي يجلبوا له اللؤلؤ والمرجان، وكان نبي الله سليمان يعذب من يعصيه منهم عذاباً شديداً، وفي يوم من الأيام، كان سيدنا سليمان يراقب عمل الجن من بعيد، وهو متكئ على عصاه، فمات وهو على هذه الحالة، وقد مات سيدنا سليمان، دون أن تعرف الجن بموته، واستمروا بإكمال الأعمال الشاقة التي كلفهم بها نبي الله سليمان، ولم تعلم الجن بأمر موت سيدنا سليمان إلا بعد أن خرّ جسده على الأرض، وسقط بعد أن أكلت عصاه دودة الأرض؛ لأنهم ظنوا أنه كان يُصلي طوال هذا الوقت، وقد أكّدت قصة سيدنا سليمان مع الجن بأنهم لا يمكن أن يعلموا الغيب، وأنهم لو كانوا يعلمونه لما أكملوا أعمالهم الشاقة التي كلّفهم بها سليمان عليه السلام، ولتركوها فور علمهم بموته.
المراجع
- kalemtayeb.com/ , قصة سليمان عليه السلام , 2024-05-05
- سورة النمل , آية 20-21
- سورة النمل , آية 17-18
- سورة ص , آية 30-33
- سورة ص , آية 33-34
- سورة الأنبياء , آية 78-79
- سورة سبأ , آية 12-14